الثلاثاء، 2 فبراير 2010

دفعة رابعة 2006


كانت الأعمال السائدة منذ الإنتخابات وحتى توقف العمل الدعوى فى الإسبوع العاشر هى أعمال تسليم الدفعة وتوارث الخبرات والمهام وكان من ضمنها رحلة عامة ومجلس الدفعة هو المسئول عن تنظيمها بالكامل واستمرت الأعمال حتى جاء لقاء التسليم ، وكنت أحضر فى أول اللقاء الإسبوعى وأنصرف بعد ساعة أو ساعتين لأنه كان فى يوم تدريب الووشو الذى كنت مواظبا عليه تماما وقد حاول الأخوة إقناعى بالبقاء ولكنى أصررت ولازلت آرى أن هذا هو التصرف الصحيح بل والذى يجب أن تدعمه الجماعه والتنظيم المرن - الذى نفترض أن يكون مرنا - ولهذا حديث آخر تماماً .. ولقاء التسليم هذا تغلب عليه عواطف الفراق بين مجموعة العمل والدفعة والنصائح المتبادلة من الطرفين وكلمات تحميل الأمانة والوداع وقد حضرت بدايته فقط وانطلقت إلى التدريب .

***

كنت قد شاهدت الكثير من الحفلات الصغيرة فى المدرجات لتكريم المتفوقين وشاركت فيها وأقمت حفلة فى مدرجى بالفعل مع إخوانى بمجموعة (د) وقد كانت حفلة ناجحة بفضل لله وفيها بدأت ثانى مهاراتى الدعوية فى الظهور ولكنى لا أستطيع ذكرها الآن ، وأقصد بمهاراتى الدعوية الأشياء التى أجدتها وتخصصت فيها ويطلبها الأخوة منى بإستمرار ، وهم تحديداً أربع مهارات بشكل عام ، فعندما أُقيم تجربتى الجامعية أجد هؤلاء الأربع جوانب هم خلاصة ما حققت فى الجامعة خلال 4 أعوام متتالية ... أما الأولى فهى المهارة الرياضية وقد بدأ الأخوة فى إستخدامها من بداية الترم الثانى من سنة أولى ... وأما الثانية فكل الاخوة يعرفونها وربما أذكرها فيما بعد .
***

وعلى مستوى الكلية كان الإعداد يجرى على قدم وساق لأهم عمل جماهيرى فى السنة كلها وهو حفل وداع الفرقة الرابعة لعام 2006 وهو حفل يقام فى نهاية العام به مسرحية كبيرة وفقرات إنشادية وفنية ومسابقات وجوائز ، والشائع فى تقييمات الاخوة أن قوة الدفعة تقاس على قوة ونجاح هذه الحفلة الختامية أى أن الدفعة إذا كانت قوية أقامت حفلا قوياً ... وعندما جاء يوم الحفلة رأيت تجهيزات ضخمة وكبيرة وعمال الفراشة ينصبون سقفاً من القماش و( حاتم ) يدور هنا وهناك واخوة تتابع فقراتها وكان ( م . غازى ) مسئول الدفعة يتابع كل الأعمال حتى بدأت الحفلة وقد حضرها مئات الطلاب بل آلاف وبدأت المسرحية ..
ولنا هنا وقفة ..
لقد كنت حتى هذه اللحظة أتوقع أن يكون مستقبلى فى الكلية مثل حاتم ( مشاوير فى كل مكان وتخليص شغل العمل العام ) وقد كان أكثر ما يغلب على تفكيرى هى رياضة الووشو وعشقاً للعلوم العسكرية وأفضل الحسم وأُحب الأعمال التى تنطوى على خطورة عالية ، بل لقد كنت رافضاً لمبدأ التمثيل تماماً - على المستوى الشخصى - وكنت أصعق عندما أتخيل نفسى فى أى مواجهه مع الجماهير أيا كان نوعهم ... وعندما شاهدت المسرحية وكانت تتحدث عن اليهود وإسقاط الخلافة الإسلامية وكانت فى قمة المرح والكوميديا وبدأت الاحظ تأثيرها على الناس ولم يكن قد جال بخاطرى مطلقاً أننا يمكن أن نقدم فناً ممتعا جميلاً وبرسالة دعوية حميدة وبدأت أتخيل كم الدعوة الذى يمكن أن يصل إلى الناس بالإعلام الفنى وكم الثواب الذى يحصل عليه من يقدمه ويجاهد به الرسائل الفنية الأخرى الحقيرة التى تنهش الأخلاق وتقتلع فطرة البشر التى فطرت عليها ... ووجدت أن عدد الاخوة الذين يشغلون هذا المجال قليل رغم أهميته الشديدة ولكننى كنت مقتنعاً بمبدأ هام للغاية وهو ..
سد الثغرة المطلوبة ..
إن حائط الإسلام ملئ بالثغرات والفجوات ولعل أكبرهم الفجوة الإيمانية والفجوة العلمية .. وقد تكون المشكلة فى توزيع الأفراد على الثغرات فهناك ثغرات عليها الكثير جداً من المسلمين واخرى فارغة تماماً مع علم المسلمين الكامل بإحتياجهم لمن يسد تلك الثغرات ... وهذا يحتاج إلى تضحيات كثيرة وكبيرة .. وتحركات فردية ايجابية ... لقد كنت أبحث عن الثغرات التى لا يخوضها أحد حتى يكتمل البناء وأكون على الثغر جاهزاً مستعدا إذا نادى المنادى للعمل . فالمسلمين يتحركون فى أوقات الحروب بحماسة وهمة وإذا خمدت الحرب اجتهد اليهود فى الإعداد ولذلك يتفوقون وقت الحرب .. ولو فكر كل منا بهذه الطريقة لسدت كل الثغرات بل ولزاد إرتفاع حائط الإسلام . ( إبحث دوماً عن الثغرة المتروكة وكن لها )
وهذا لا يتعارض مع تخصص المرء فيما يحب فإن الله لم يحدد عدد معين للمهارات المكتسبة .. إذن فليتخصص المسلم فيما يحب ويكتسب ويستخدم ماشاء من مهارات إضافية ..ونتيجة لهذا ... بعد إنتهاء المسرحية اتخذت قراراً بإكتساب المهارة الثالثة واقتحام الجانب الفنى ..
وانتهى الحفل بأناشيد الفراق والوداع للفرقة الرابعة وتبادل الاخوة الأحضان والنصائح وقد كنت من ضمن الاخوة القلائل الذين لم يبكوا فى هذا اليوم لأننى لم أذق فراق اخوة كهؤلاء من قبل كما ظننت أنى سآراهم كثيراً فيما بعد .
***
كان ( حاتم ) قد أحضر مُسجل ( وكمان ) ليطلب من كل اخوة الكلية تسجيل كلمة وداع أخيرة له وكنت جالساً بجوار ( م . غازى ) وهو يسجل كلمته وفوجئت بهذا الموقف بينهم ..
-كان (حاتم) قد أخطأ فى أثناء الإعداد للحفلة فى أمر ما لا أذكره مما جعل (م . غازى ) يغضب ويخاطبه بلهجة شديدة .. وبعد الحفلة سمعت ( م . غازى ) يقول لـ (حاتم ) أثناء التسجيل : ( ما تزعلش منى يا حاتم .. انت حبيبى .. وأنت عارف إن إذا كان الأخ قشة بطبطب عليه وإذا كان حديدة بدوس عليه ... وأنت حديدة جامدة أوى يا حاتم ) ( وأحلى حاجة إن محدش زعل من التانى أصلا وإن كلمة ( م . غازى ) دى اتعلمت منها كتير اوى ) .
وأما عن باقى اليوم فهى مشاعر حب واخوة لا يمكن أن تصفها الكلمات مهما كانت وقد كان يوم تخرج أقوى دفعة رأيتها طوال عمرى بالكلية .. اللهم أدخلنا الفردوس معاً .

***

شعرت ببعض الاخوة يظنون أن(حاتم) يقوم بهذه الأعمال لأنها ظاهرة ومرئية وإن كان الأولى لهذا أعمال التمثيل وتقديم الحفلات ولهذا شاء الله أن أرى هذا الموقف..
بعد نجاح المسرحية نجاحاً مبهراً طلبت كلية حقوق منا أن نعيدها فى حفلتهم والتى كانت بعدها بأيام قلائل وفرح الاخوة لأنهم سيشاهدونها مرة اخرى .. وكل الاخوة لا تحب أن يفوتها أى جزء ولو بسيط من الحفلات الضخمة وكانوا يتسابقون فى الجلوس فى المقدمة لمشاهدة المسرحية وذهبت إلى مكان الحفل مصطحباً أحد الشباب فى مرحلة ( الدعوة الفردية ) فلم أجد ( حاتم ) وأخبرنى الاخوة أنه فى مسجد القبة .. فتعجبت .. وانطلقت إليه - فليس ( حاتم ) من يفوته عمل عام أبداً - فوجدته نائما بالمسجد فسألته : ( ايه اللى مقعدك هنا والحفلة شغالة ؟؟ ) فأخبرنى أن (م . غازى ) قد أمره بالبقاء فى المسجد طوال مدة الحفل حتى لا ينزع أحد المخبرين أو اُمناء الشرطة سلك التوصيل الأساسى لكهرباء الحفل .. والذى كان بالمسجد .
وطلب منى أن أبقى معه فقلت له سأبقى مع صاحبى ( الدعوة الفردية ) فترة وأعود إليك .. وقد كان .. ولكن أهم ما فى الأمر أنه لم يكن ساخطاً بل كان يجلس مستريحاً مسترخياً وكأنه فى وسط الحفل .
***
وكان أخر أعمال هذا العام هو إفطار ( اخوة الحرم ) السنوى وبعدها تم ختام الأعمال العامة استعداداً للإمتحانات .


الخميس، 31 ديسمبر 2009

تثبيت باب القبة

بعد إنتهاء الإنتخابات مباشرة أخذت مجموعة العمل مجلس الدفعة لإجتماع آخر لتوضيح التكليفات والمسئوليات وقد كنت وقتها مذهولا أقول لكل الاخوة : أنا لا أدرى شيئا عن هذه المسئولية ولا أعرف شيئا عن التنظيم الإخوانى وكانو يقولون : لا تقلق .. سنعلمك كل شئ .

وفى أوائل هذه الأيام كنت أتعامل بلهجة شديدة أحيانا مع بعض الاخوة أثناء العمل فقط .. لأننى لم أكن أعلم كيفية التعامل مع مشاكل الاخوة واحتوائهم ولأننى لم أتوقع أنه قد يتكاسل بعضهم دون سبب واضح على الأقل ... ولكن كانت المشاكل تنتهى فى وقتها ويعود الحب والايخاء ليجمعنا وكانت المتابعة مستمرة من مسئولى القديم بمجموعة العمل و( ا . أبو الفتوح ).

***

وفى تلك الفترة قام الأمن بإلغاء الإمتحانات وفصل بعض الاخوة فى أكثر من كلية ... ( وكما عرفت بعدها ) أن الاخوة كانوا يتحدثون مع قائد حرس الجامعة ولكنهم لم يصلو الى شئ فقال له ( م . درويش ) : ( هرجعلك أيام 95 تانى )
فرد عليه بتهكم : ( رجعها ) ... فانصرف الاخوة .
ولنا هنا وقفة ، ما هى أيام 95 !! وما الذى يجعلها تهديدا ؟؟
وكما سمعت وعرفت من الاخوة أنه فى عام 95 حدث أن قام الاخوة فى مظاهرة كبيرة بتثبيت باب قبة الجامعة ... وخطورة الأمر أن مبنى القبة هذا تابع إلى رئاسة الجمهورية مباشرة ومصرح للحرس بإطلاق النار فى مثل هذه الأحوال ، ويذكر الاخوة أنه تم إطلاق نار بالفعل فى هذا العام واستشهد اثنان من الاخوة بالفعل ... ولعل لهذا السبب لم يستوعب قائد حرس الجامعة أن هذا يمكن أن يتكرر حقاً . ولكن اجتمع الاخوة وتم إتخاذ القرار بالفعل .
***
كانت القاعدة السائدة ألا يدخل أفراد دفعة أولى ( اللجنة الرياضية ) ولكن تم استثنائى للياقة البدنية والمواظبة على الووشو وكذلك ( جهاد ) لبنيته القوية ، وكنا ندخل ( اللجنة الرياضية )ونتعلم كيفية التصرف فى فى المواقف الشديدة والسريعة ... و ( اللجنة الرياضية ) مهمتها صد الضربات أثناء المظاهرات وصرف المخبرين ومنعهم من التصوير وفتح الطريق الذى ستقف فيه المظاهرة والوقوف فى ( الكوردون )
الأمامى للدفاع ...وكذلك حماية الأخوات من تصوير المخبرين والمعاكسات وما الى ذلك من مشاكل .
***
وكنت فى هذا الوقت اتابع مجموعتى ولا أدرى شيئا عن الفصل وإلغاء الإمتحانات حتى تم تبليغنا أنه غداً سنقوم بمظاهرة كالعاصفة للأسباب السابق ذكرها وقد قررت مجموعة العمل إدخال مجلس دفعتنا بكامله فى ( اللجنة الرياضية ) - عدا ( ع . السباعى ) لأن صحته دائما ليست على ما يرام - ( للتعلم ومعايشة الموقف ... الخ ) ... وتم اخبارنا بمدى خطورة الأمر وأنه تم إطلاق نار من قبل فى مثل هذا الموقف وأنه على كل واحد منا أن يكتب وصيته ويغتسل غسل الشهادة مع باقى الأوراد ... والحق أننى أتمنى أن أعيش مثل هذه اللحظات مرة آخرى ... لقد كنا فى هذا اليوم وكأننا نشم رائحة الجنة ونتوقع الموت غداً حقاً واستطاع الاخوة أن يجعلونا نمشى على الأرض وكأننا لنسا فى الدنيا كلها ... ولهذا الأمر آثراً فى نفسى لا أنساه أبداً لأنه كان حقيقياً وليس مفتعلا كالموقف التربويى السابق ذكره ... وواقعية الأمر هى التى تجعل له آثرا حقيقيا ودرسا تربويا لا يٌنسى .
وبالفعل ... قام كل منا بما عليه حتى اليوم التالى وقد كانت هذه المشاعر تملؤنا حتى تم اخبارنا بما هو أخطر من ذلك ...
اجتمع الاخوة على أنه ستكون هناك لجنتين ( رياضية ) الأولى ( داخلية ) لتثبيت باب القبة فى بداية المظاهرة وهى أخطر نقطة على الإطلاق والمتوقع أن يحدث فيها إطلاق للنار ... والاخرى ( خارجية ) لجمع اخوة الكليات التى هى خارج الحرم والتظاهر عند المسلة للإعلام الخارجى ثم الدخول من الباب الرئيسى والإعتصام داخل مبنى القبة ... وتم اختيارنا فى اللجنة ( الداخلية ) .

واختار الاخوة ( ع . جمال ) و( ع . الريدى ) لبدأ الهتاف الذى إذا سمعناه ننطلق بسرعة لتثبيت الباب ... وكان صوت ( ع . جمال ) كالقذائف المدوية وقد منَ الله عليه بحنجرة قوية للغاية كما منَ على ( ع . الريدى ) بجسد ضخم وقوة كبيرة وقلبا لا يخشى شيئا وأعصاب بارده هادئة وسرعة فى تقييم المواقف واتخاذ القرار السليم .

***

توكلنا على الله وحسم كل منا أمره وتحرك فى موعده تماماً الى موضعه المحدد ... وسرت مع إخوانى من المجلس فى اتجاه القبة وفجأة ...
وجدنا الاخوة الذين سبقونا قد بدأو فى تثبيت الباب فاتطلقنا نحوهم بسرعة ووقفنا على الباب معاً وأخبرونا أن ( ع . جمال ) و (ع . الريدى) عندما رأو حرس الجامعة يغلقون الأبواب كبروا قبل الموعد بلحظات وحدث أنه كانت هناك محاضرة داخل مبنى القبة فى تلك اللحظة وعندما انطلق صوت ( ع . جمال ) فجأة فى المكان سقطت مغشى عليها وأسعفها الناس حتى عادت إلى وعيها بسرعة وتم إخلاء القاعة وإلغاء المحاضرة فى الحال ... ووقفنا فى تماسك ورهبة شديدة والذكر لا يفارق ألسنتنا ونحن نرى تحركات الحرس السريعة واتصالات الرتب الكبيرة وعلمنا أنه قد وصلت أوامر للحرس بإطلاق النار إذا زاد الأمر عن هذا الحد .
ولكن حدث التطور فى الجهه الآخرى حيث قامت قوات الأمن المركزى بالإشتباك مع الاخوة فى الخارج .











وكل ما أعرفه عما حدث بالخارج هو أن حاتم كان فى اللجنة الرياضية الخارجية وعندما بدأ الضرب لم يتمالك نفسه واستطاع أن يأخذ عصى وأدوات من الأمن المركزى وقام الاخوة بتصويرهم .





واستطاع الاخوة فى النهاية بفضل الله أن يدخلوا من الباب وانضموا إلينا داخل مبنى القبة حيث استمر الإعتصام وذهب بعض الاخوة لمقابلة رئيس الجامعة والتفاوض معه وأعتقد أنهم قد توصلوا إلى نتائج جيدة ولم يحدث إ طلاق نار ومر الموقف بسلام وانتهى الإعتصام قبل المغرب بلحظات وقد ترك فى نفسى آثرا لن أنساه أبداً .









الاثنين، 30 نوفمبر 2009

الانتخابات


إذا سألت كل الإخوان فى كلية تجارة : ما هى أفضل سنة فى عمرك بالكلية سيخبرك المعظم أنها السنة الأولى وقبل أن يُحمل الأخ بأيه أعباء أو مسئوليات رسمية .

***


اذكر أننى فى أحد أيام الإعتصام عند مكتب العميد قد نُحر صوتى من كثرة الهتاف وجاء ( زارع ) يطمئن على قبل انصرافى فى نهاية اليوم وقد رق لى عندما سمع صوتى هكذا الا أننى كنت فى غاية السعادة والحماس ... عائدا إلى البيت طالبا من الله أن يتقبل العمل ... لا أشعر بأى هموم ... لا تقلق بالى أيه مشاكل ... أشعر بحب واخوة وترابط مع إخوانى فى الكلية وما أكثرهم وما أعظمهم ... احاول الإرتقاء بعلاقتى بالله عز وجل والإستعداد لأى شئ يأمر به اخوانى ... ولهذا أعتبرها أسعد أيامى فى الكلية .

وفى تلك الفترة - منتصف الترم الثانى تقريبا - بدأ الاخوة فى التركيز على محاضرات الإخلاص والتجرد وقد بذلوا جهدا كبيرا فى هذا ( ووالله انى لأذكر محاضرة ( م . درويش ) إلى الآن ) .

وكانت السنة الأولى التى تحدث فيها انتخابات - وكان هذا قرار استرتيجى من الجماعة - أما قبل هذا فكان الإختيار يتم عن طريق الشورى من المستوى الإدارى الأعلى إلى الأدنى ... وعلمت بأمر الانتخابات فى يومها صباحا ولم أكن أعلم أن هذا سيحدث من الأصل ولم أتخيل أن تتركنا مجموعة العمل وحدنا ... بل لم أكن على علم بشكل الانتخابات والمسئوليات ولكنى لم أكترث لهذا الأمر نظرا لأن عدد الاخوة فى مجموعتى كبير وهم أقدم منى فى الاخوان بكثير وأنا أقلهم خبرة بالاخوان والعمل الدعوى كما أن مجموعتنا كانت تضم ( إ . أبو الفتوح ) وهو أكثر أفراد الدفعة تميزا وخبرة وعملا أيضا وقد كان أكبر سنا من معظم أفراد مجموعة العمل أنفسهم ولذا فقد كنت مطمئنا تماما أنه لن يتم اختيارى ولأننى حقا لا أستطيع أن أكون فى أى موقع قيادى لحداثة عهدى بالاخوان وقد كان كل ما أملكه فى هذا الوقت حماس واستعداد للعمل والتعلم فقط .

***


وبعد مجلس طويل تحت أشعة الشمس الحارقة وبعد ذكر أحاديث الاخلاص والتجرد لله عز وجل حتى صار كل منا يمقت المسئولية والقيادة حقا .. تم إجراء الانتخابات .
وحدث ما توقعت بالفعل فكان ( أ . قنديل ) مسئول مجموعة ( أ ) وقد كانت أكبر المجموعات عددا و ( ع . السباعى ) مسئول ( ب )
و( م . ربيع ) مسئول ( ج ) وقد كان بها اثنان فقط و ( ا . أبو الفتوح ) مسئول ( د ) وكانت ثانى مجموعة من حيث العدد و ( جهاد ) مسئول ( هـ ) و ( ياسر ) مسئول ( و ) بالتزكية حيث لم يكن بالمجموعة غيره ... وهكذا تكون مجلس الدفعة ثم حان وقت انتخاب مسئول الدفعة ولا يُشترط أن يكون من المجلس بل يتم اختياره من الدفعة كلها ... وأخذنا الورق وتم الانتخاب وأصبح ( ا . أبو الفتوح ) مسئول الدفعة و ( أ . قنديل ) نائب مسئول الدفعة .

وهنا ... وجب اعادة الانتخاب فى مجموعة ( د ) نتيجة صعود ( ا . أبو الفتوح ) لمسئولية الدفعة وتم توزيع الورق على أفراد المجموعة وجاء ( ح . زارع ) - مسئول مجموعة العمل - وأخذ ورقة وكتب فيها اسما ووضعها ثم أخذ الورق إلى لجنة الفرز ... وبعدها وقع على الخبر كالصاعقة بل كألف صاعقة ... لقد شاء الله وانتخبنى الاخوة مسئولا لمجموعة ( د ) .


الخميس، 19 نوفمبر 2009

عميد الكلية






بعد فترة من الفصل الدراسى الثانى كنت قد اندمجت فى العمل والدعوة مع الاخوة واعتبرنى الاخوة ( اخا ) فى هذا الوقت ... ولكن كان تعلقى الأكبر باخوة مجموعة العمل - وبالتحديد ( أ . زيدان ) وقد كان مسئول مجموع ( أ ) وقد كنت فى مجموعة ( د ) و (حاتم ) - وبالاخوة الأكبر سناً .

***

وكان هناك معرض إسلامى يقوم به أفراد دفعة الفرقة الثانية وقد كانت فى هذا الوقت دفعة قوية وبها العديد من الكوادر المتميزين .

وفجأة ... نزل عميد الكلية إلى الساحة وطلب ( كارنيهات ) اثنان من الاخوة القائمين على المعرض ( أ . توفيق ) ( شرقاوى ) ... وللأسف أعطاه الاخوة ( الكارنيهات ) بكل سهولة وربما كان هذا لعدم إلمامهم بكيفية التصرف فى مثل هذا الموقف وهو (رفض اعطائها ) ... وكما قلت من قبل أننا كنا فى فترة قوة وعزة تجعل حدوث مثل هذا الأمر أمرا خطيرا ويحتاج إلى رد قوى حاسم ...



وكان مسئول الكلية فى هذا العام هو ( م . درويش ) وهو رجل كالمؤسسة الشاملة .. فهو من النوع الثورى الذى يُغضبه أمر كهذا بشدة وهو أيضا عاقل وحكيم ويجيد تقييم المواقف قبل اتخاذ القرار وهو أيضا مُربى رائع وإذا تكلم أنصت له الناس كما أن له حجة قوية راسخة .. وقد كان فى الفرقة الرابعة حينذاك .

وأنا لا أعلم كيف دار النقاش فى هذا الموقف ولكن القرار النهائى كان أن تجمع كل الاخوة أمام مكتب العميد اعتراضا على ما فعله وقد كان صوت الهتاف يرج المبنى كله ولم يستطع العميد الخروج للمناقشة ولم نقم بأى أفعال خاطئة أو تخريبية وقد كان هذا ممكنا ... بل كان بإمكاننا اقتحام مكتب العميد نفسه وقد جال هذا بخاطرى ... ولكن هذا التغيير بالقوة ليس اسلوبنا مع المسلمين وكما أنه لن يحل أى مشاكل ولكنه اعتراض سلمى قوى ومع ذلك يلقى الرعب فى قلوب الظالمين لرؤيتهم العمل المنظم والحماس الشديد فى مواجهه الظلم والقائم فى الأساس على تربية عميقة لا تجعل للنفس حظا من العمل ... وقد استمر هذا على مدار ثلاثة أيام متصلة ... كل يوم كنا نعتصم أمام مكتب العميد اعتراضا ...

وقد يسئل أحد الناس : ماذا فعلت هذه المظاهرات وأيه أهداف حقق هذا الإعتصام ... وأنا أقول أن ما فعلناه حقق أهدافاَ كثيرة وهى ..

أولا : أننا قمنا بتطبيق جزء من الدين فى هذا الموقف برفضنا واعتراضنا للظلم الذى وقع ولم نفعل فعل بنى إسرائيل ... كما أن رسولنا الكريم ( ص ) قال : أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر .

ثانيا : بعد إنتهاء تلك الأيام زادت قوتنا الكامنة أو القوة الناعمة .. والقوة الناعمة هى مصطلح سياسى وهو يعنى تأثير الدولة خارج حدودها الإقليمية ... فقد وصلت الرسالة واضحة تماما ... إذا تكرر هذا الأمر ثانية سنكرر هذا الرد وسنرفض هذا الظلم ... ولقد حدث هذا بالفعل فالعميد ولاإدارة لن تتحمل مثل هذا الأمر وانهم يريدون خاضعين أذلاء ... وهذا بالتأكيد أدى إلى عدم تكرار الامر أبدا من قبل الإدارة بل وزيادة الاحترام والتقدير لطلاب الاخوان وخصوصا من أفراد حرس الجامعة وكما ساذكر بالتفصيل ان شاء الله .

على أنى أقول أن هذا لا يطبق فى كل المراحل وفى كل الكليات دون ادراك للعواقب وطبيعة المرحلة التى تمر بها الكلية وعلاقتها بالأمن والادارة .

وفى تلك الأيام أيضأ تعرفت على موهبة جديدة عندنا وهو الأخ ( م . الحينى ) وقد كان يقلى كلمة فى الاعتصام أذهلتنى من روعتها ومن براعة إلقائه وسياتى ذكرها ... وشعرت أننا كالجسد الواحد وأن الاخوة كانوا سيفعلون المثل لو حدث هذا معى ... وبدأت الدخول فى مرحلة اخرى .

***

الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009

حاتم





كان لهذا التوتر فى علاقتى بالإخوان عدة أسباب وهى :

عدم وضوح شمول المنهج الإخوانى - عدم معرفة بعض الأمرو التنظيمية الغامضة - كنت أشعر أن الإخوان أفضل مما يجب ... وكنت أتسائل كيف يتعامل هؤلاء الناس مع بعضم ومع غيرهم بهذا الشكل الرائع ولماذا ؟ - وكان من أهم الأسباب فى هذا التوتر هو مشاكل البيت الأسرية وأنه لا يوجد فى العائلة كلها أحد من الإخوان ... ولأننى بدأت أدرك عواقب كونى من الإخوان وأن هذا قد يؤدى إلى مشاكل أمنية أو دراسية وتحقيقات وفصل وقد يؤدى إلى مشاكل اسرية جديدة .
إنها بيعة ... واذا دخلت الإخوان لن تأخذ شيئا بل ستعطى فقط .... فماذا تفعل ؟؟؟

***

وهنا جائت مشيئة الله أن أتعرف على حاتم كمنوذج لم يترك لغيره حجة فى أى شئ ... بدأت آرى حاتم وهو يعمل فى الكلية بهمته العالية وتضحيته وتجرده وروحه المرحة الجميلة .

***

* عندما كان (حاتم ) فى السنة الثانية حدثت له مشكلة أمنية ... وعندما ذهب إلى مقر أمن الدولة ضرب ضربا شديدا وكانت ظروف بيته أصعب من ظروفى بمراحل ... وكان ظابط أمن الدولة يتصل بأبيه ويهدده وكان ضغط اهل (حاتم ) عليه شديدا وأرادوا منعه من النزول نهائيا وقطع المال عنه ... ولكن بعد كل هذا عاد (حاتم ) إلى الكلية يريد الدعوة والعمل فقال له الإخوة : ليس الآن يا حاتم ... انتظر اسبوعا حتى تهدأ هذه المشاكل على الأقل.... وقد كانوا يعتبرونه محبا فى هذا الوقت ... وانتظر (حاتم ) يومين فلم يحتمل وانطلق يدعوا فى الكلية مرة اخرى .

* أتعلمون عندما نذكر الرجل بصفاته الحسنة الجيدة فنقول مثلا هذا رجل كريم ... أما (حاتم ) فقد كان كريما كرما غير عادى وكانت شجاعته مختلفة عن أى أخ رأيته ... كانت تضحيته مبالغة ... كان أكثر الإخوة ضحكا ( رغم كل مشاكله ) وحبا لهم ... كان أكثر من يبيع نفسه فى أى عمل ينطوى على خطورة واضحة ( يعنى كل الصفات الكويسة عند حاتم مأفورة ) .

* رأيت (حاتم ) بنفسى يصعد على حائط المدرج ليقوم بتعليق ( بنر ) كامل وحده ... فيأخذ أول حبل فيصعد به ويربطه ثم ينزل فيأخذ الحبل الآخر على نفس المستوى ويصعد فيربطه وينزل وهكذا ست مرات متتالية صعودا وست مرات نزولا ... وكان هذا لعدم وجود اخوة يساعدوه ... وكان (حاتم ) لا يأمر أحدا ... بل كان يتحرك بنفسه على الفور فيتحرك الإخوة لحركته غيرة وحماسة .

* فى أحد الأيام جاء (حاتم ) ببدلته وفى قمة الأناقة لحضور حفلة تكريم المتفوقين التى يقيمها طلاب الإخوان فى المدرج .. وبعد الحفلة رأى الإخوة وقد تكاسلوا عن الصعود لإنزال ( البنر ) فغلع سترته وصعد بملابسه على المبنى وانزله ثم أقام الإخوة الصلاة فى الساحة فصلى على الأرض .

* نام (حاتم ) فوق سطح مسجد الكلية فى أحد الأيام بسبب مشاكل البيت ولأنه كان لا يجد مكانا يبيت به فبات على سطح المسجد والعجيب أنك تراه بعدها يضحك مع الاخوة ويعمل بهمة ونشاط بل ويكون اول من يأتى فى موعده .

* كان يخاف على العمل الدعوى خوفا رهيبا وكان يتصرف فى كل المواقف مهما كانت ... فإذا عملت مع (حاتم ) وأسندت له عملا فلا تقلق على الإطلاق ... إنه سيبذل قصارى جهده وسينفذ العمل فى النهاية مهما قابلته مشاكل أو عقبات .

* اذكر ذات مرة أن انقطعت الكهرباء عن الصوتيات التى كنا نقيم بها أحد الحفلات أو المؤتمرات فكان المفترض أن يذهب أخ ليفصل الكهرباء حتى يصل (حاتم ) السلك بطرفه المقطوع ... ولكن (حاتم ) لم ينتظر .. بل أمسك بالسلك العارى وظل يربطه بالآخر وهو يتكهرب فى كل لمسة له حتى وصله ... أنا حقا لا أتخيل أحدا يفعل هذا الموقف ... يتحمل آلم الكهرباء تسرى فى جسده حتى لا يتأخر العمل ؟؟

* كانت بنية (حاتم ) الجسدية ولياقته البدنية قوية للغاية ... واخبرنى أحد الاخوة القدامى أن الإخوة تجمعوا على حاتم فى أحد الرحلات يريدون أن يسقطوه فقط فما استطاعوا .

* كان شديدا جدا على الأمن فى كل المظاهرات لدرجة أن الإخوة كانوا يمنعوه عن اللجنة الرياضية لأنه كان إذا تملكه الغضب لا يهدأ بسهولة .

* ( خدنى فى يوم كده وقالى تعالى أعزمك على الفطار واول ما كان يروح الكافتيريا ... الراجل بتاع الكاشير يسيب كل الزحمة اللى حواليه ويقفل الدرج ويقوم يسلم على حاتم ويحضنه ... وبعد ما عزمنى عالفطار وقعد ينصحنى راح استلف فلوس من أخ من دفعته عشان يروح . وكان لما يلاقينى صايم يجيب اى أكل وعصير ويقولى تفطر على ده ( وطبعا مفيش تفاهم مع حاتم ... انسى ) ).

* ( (حاتم ) يا إخوانى كان يعرف كل الناس فى الجامعة ... كان يعرف عمال المدرجات وكل الطلبة فى مدرجه وخارجه وبأعداد لا تحصى وكان يعرف حرس الجامعة على كل الأبواب والمبانى وعمال المساجد وكانوا بيحبوه حب غريب فعلا ... ابص الاقى العامل هو اللى قابم يسلم على (حاتم ) ويحضنه مهما كان مشغول وكان أفضل مثل فى العمل مع المجتمع ) .

* ( وانا فى سنة تانية ... كنت رايح اشترى شاى انا وكام اخ من كافتيريا فى الجامعة ... وكنت حاطط ال (ID ) ومكتوب عليه طلاب الإخوان المسلمين ... الراجل بياخد البون منى وشافه ... قالى : كابتن ... هو (حاتم فين ) ؟؟؟ لسة معاكوا ؟؟؟ قلتله : لا والله (حاتم ) اتخرج خلاص الحمد لله . قالى : طب بالله عليك لو شفته سلملى عليه أوى . ( كان هيغمى عليا بصراحة ))

***

فلما عرفت أغلب هذه الأشياء عن (حاتم ) ولما رأيته بهذا الشكل بدأت اتعرف عليه واحكى له ... وكان أكثر الإخوة إهتماما بى وإحتواءا لى على الرغم أنه يعمل فى الأساس فى ( العمل العام ) وليس فى مجموعة العمل ... وكنت أظن أنه كان يفعل هذا معى فقط ولكنى فوجئت بعد تخرجه أنه فعل هذا مع إخوة كثيرة من دفعتنا .

* كان (حاتم ) يعمل كل شئ فى الكلية ويتعلم كل الأعمال بنفسه ولكنه كان لا يجيد تلاوة القرآن وعندما يدخل المدرج يلقى كلمة بعد قراءة أحد الإخوة للقرآن ... وبعد أن تخرج كان قد تعلم التجويد بل وأصبح إماما لمسجد فى بلدته .

قلت لنفسى : ليس لك عذر يا ووشو ... هذا الرجل فاق الحدود ولم يترك لك ولمن بعدك حجة ...

وكما قال سيدنا عمر بن الخطاب : ( أتعبت من بعدك يا أبا بكر ) ...

فأنى لى بأعمال (حاتم ) هذه !!!... بل أنى لى بطاقته وهمته !!! ... ولكننى قررت ان أسير فى دربه واحاول أن أضحى مثله وأن أقهر العقبات مهما كانت صعوبتها وشدتها .

وقلت لنفسى : حقا ... إذا استسلم كل منا لظروف بيته وضغط الأمن وأى سبب آخر فمن يقوم بهذا الأمر غيرنا ؟؟؟

وكما قال سيف الدين قطز للأمراء المماليك : من للإسلام إن لم نكن نحن .... وكان التتار على أبواب مصر ... فبكى الناس وبايعوه على الجهاد فكان نصر الله عز وجل .

***

وأدركت وقتها أن الدعوة ليست بالقول فقط ... بل أهم شئ فى الدعوة هو العمل فلقد ظللت سنتين مترددا وبعد أقل من شهر من تعرفى على (حاتم ) انقطع التردد فحقا : عمل رجل فى ألف رجل خير من قول ألف رجل فى رجل .


الاثنين، 26 أكتوبر 2009

الاستقبال

بعد إنتهاء المعسكر مباشرة جلست مجموعة العمل لتحدد من من أفراد دفعتنا سيكون فى لجنة الإستقبال ( لبداية الترم الثانى ) ... والمفترض أن يتم إختيار أقوى أفراد الدفعة - طبقا لتقييم مجموعة العمل - للعمل تحت ضغط شديد ولقيادة باقى أفراد الدفعة .

وللمرة الثانية وكما أخبرنى ( بركات ) عندما جاء وقت مناقشة اسمى قال الأخوة : ( بلاش ووشو ينزل لجنة الإستقبال ...لسة بدرى عليه مش هيستحمل الضغط ده )

فقال لهم ( زارع ) - مسئول مجموعة العمل - : جزاكم الله خيرا ...ووشو هينزل لجنة الإستقبال ... وإنى لأعلم الآن أن هذا كان خيرا لى ولكنى لا أعلم كيف حدث هذا ولو كنت فى هذا المجلس لرفضت ذلك بشدة ... أو ربما لم يهتم الأخوة كثيرا بالأمر وتناقشوا فى الإسم التالى مباشرة .

***

وفى الاسبوع الثانى من اجازة نصف العام وأثناء جلسات التجهيز الضخم للاستقبال بدأت أتحمس بشدة وراقنى جو العمل ... وكان مسئول الاستقبال من مجموعة العمل ( عدلى ) وهو أخ مرح جدا أحببته للغاية .

وبدأت أتعلم فنون الدعوة على أيدى عمالقة الكلية هؤلاء .. وزادت حماستى وحبى للعمل الدعوى .. واذكر فى الاستقبال موقف حقيقى -غير مفتعل - تعلمنا منه الكثير وقتها ..

كانت لجنة الاستبقال هذه تجلس باستمرار لتقييم الاستقبال .. وفى مجلس معين تأخر ( ا . يوسف ) أو ذهب ليفعل شيئا دون استئذان وجاء متأخرا فقال له ( عدلى ) : اذهب ولا تجلس معنا .
ثم امرنا بقتح المصحف على سورة النور الآيه رقم ( 62 ) وقال : ( كل الأخوة تحفظ الآيه دى فى دقيقتين ) ثم ناقشناها وتأثرنا بالموقف فعلا وتعلمنا منه الاستئذان .

***

وقد كانت الكلية فى هذا الوقت صرحا كبيرا وكانت هناك لجان متعددة وأخوة كثيرة وأعمال لا حصر لها ... وكنا نفعل أى شئ نريده فى الكلية بفضل الله وحده ... بل كنا نخرج بمظاهرة كاملة مكونة من أفراد الكلية فحسب .. بل والله صدقا ..كنت اذا أتيت إلى الكلية ظهرا أقضى ما يقرب من الساعة أصافح الأخوة وألقى عليهم السلام .

ومع كل هذا إلا أننى كنت أشعر ان هناك شئ غامض لا أفهمه وكنت أسمع كلمات ومسميات تنظيمية لا أدرى عنها شيئا كالأسرة والكتيبة - رغم إن انا كنت بقعد اسرة - ولكن كنت لا أعرف اسمها .

***

وفى أحد الأيام كنا فى الطريق لحضور اللقاء التربوى الاسبوعى وفى منتصف الطريق انطلق آذان العصر ... فأصر مسئولى ( هـ . فرج ) على أننا سنصلى عندما نصل وليس الآن ... وضايقنى هذا بشدة ( وكان لسة عندى آثار السلفية ) .. ولكنى ذهبت وبعدها قابلت ( جادو ) وهو اخ عقلانى جدا عمل مع ( ن . أ ) فى لجنة الثانوى وكنت أحب أن اتناقش معه فى كل شئ وقلت له : ( بصراحة كده انتو ناس كويسين أوى ... بس أنا خلاص ده كده أخرى معاكم ) .
وأخبرته بما حدث وشرح لى الأمر بهدوء ولكنى أصررت على موقفى فترك لى حرية إتخاذ القرار .

وجلست افكر بعدها مع نفسى فى كلامه جيدا وهدانى الله إليه ( الحمد لله ) ولم يقطع هذا التردد فى علاقتى بالإخوان إلا أمرا واحدا ... وهو أن بدأت أتعرف على حاتم فى هذا الوقت .

***

السبت، 17 أكتوبر 2009

لماذا ؟؟؟

أحمد الله عز وجل لأنى لم أحضر هذا الموقف فى تلك الفترة المتقلبة لأنى كنت سأترك الاخوان لو رأيته بالتأكيد ... بل إنى ما زلت أكرهه بشدة أيضا وسيأتى ذكر ذلك فى تفصيلات قادمة ... ولكن فى تحليلى للموقف أشعر أنه حرام شرعا وله أضرار كثيرة وكبيرة للأسباب الآتية :

أولا : أنا أعشق الفن والتمثيل .. والجميع يعلم أننى ممثل ... ولكنى أمثل والناس تعلم أننى أفعل ... فأنا لا أكذب عليهم مطلقا .

ثانيا : عندما افتعل الاخوة الموقف الأمنى من قبل ... ترك أحد الناس الاخوان لما رآه ... بل وترك الالتزام كله وهذا حدث حقيقى .

ثالثا : ما الهدف من هذا الفعل ؟؟؟ ... يقولون : انه اختبار للثبات والثقة ... ووالله لا أعلم كيف هذا ؟؟ ودعونا نفكر ... فى الموقف الأمنى حدث ضرر كبير من قبل كما ذكرنا وهو بالتأكيد كان أمرا محتملا ... ثم ان الثبات أمر من عند الله عز وجل ولا تتم معرفته من مواقف مفتعلة ... وهل اذا فعلنا هذا سنعرف من سيثبت فى الموقف الحقيقى ! كلا والله .. لأنه أمر من عند الله ... بل ربما ترى فى الموقف الحقيقى عكس ما ترى فى المفتعل تماما .

رابعا : فى موقف الثقة ... ما الذى يجب أن يفعله الأخوة وهم يشاهدون الموقف كأنه حقيقة تحدث ... بل كيف تطلب منهم الثقة بعدها ! ... كيف يثق فى رجل كذب عليه فى أمر هام وموقف عصيب كهذا ومن أدراه أنه لن يكرره ؟... بل إن الأخ سيسئل نفسه ألف مرة فى كل أمر آخر يحدث ... أهو موقف أم حقيقة ؟؟ ( بيشتغلنى ولا ده بجد ؟؟) .

فإنى أرى أن هذا يهدم مبدأ الثقة تماما والتى تعتمد على الصدق الكامل وتبنى فى مدة كبيرة .

خامسا : إن قدوتنا هو النبى (ص) ( المربى الأعظم لأعظم جيل ) ... وعلى حد علمى الضعيف بالسيرة لم يفعل النبى (ص) أمرا مفتعلا كهذا ليربى الصحابة وهو الذى كان يعلم الغيب ... أى أنه قد يعلم أشياء ستحدث لا محالة فى المسقبل وربما كان على الصحابة أن يستعدوا لها أو يتدربوا عليها ... أو أن النبى (ص) يريد أن يعرف من الذى سيثبت ... أو من سيكون أشجع الناس .

وذلك ... لأنه الصادق الأمين .. ولا ينطق أو يفعل الا صدقا .. فكانت ثقة الصحابة - بل والكافرين أيضا - فى كلامه وعمله مطلقة بلا ريبة أو حتى تردد ... وكان ثباتهم يرى فى المواقف الحقيقية ... لا المفتعلة ... بل إن حتى التمحيص بين المؤمن والمنافق يحدث فى المواقف الحقيقية والتى يتعلم منها الناس حقا ... فكان النبى (ص) يربى جيدا وعند الشدائد يثبت الرجال .

سادسا : ولكى لا يقول أحد أنى أطرح المشاكل وفقط .. فأنا أرى أن الحل فى دراسة المواقف الحقيقية والتربية السليمة ... وربما التمثيل ولكن مع علم الناس به ( كالمسرحيات والأفلام ) .
وأيضا المتابعة فى المواقف الحقيقية التى تحدث على أرض الواقع ... وكما حدث مع مجلس دفعتنا فى تجربة رهيبة سيأتى ذكرها بالتفصيل ان شاء الله .

***

وإنى والله لأكره أن أرى هذا الأمر يحدث بيننا ثانية وبعد أن سألت فيه علماء وقيادات فأنكروه .

وكما قلت .. كنت سأترك الإخوان لأننى لم أكن قد فهمت شمول المنهج بعد ... ولأن هذا أمر تأنف منه النفس البشرية عامة .