الخميس، 31 ديسمبر 2009

تثبيت باب القبة

بعد إنتهاء الإنتخابات مباشرة أخذت مجموعة العمل مجلس الدفعة لإجتماع آخر لتوضيح التكليفات والمسئوليات وقد كنت وقتها مذهولا أقول لكل الاخوة : أنا لا أدرى شيئا عن هذه المسئولية ولا أعرف شيئا عن التنظيم الإخوانى وكانو يقولون : لا تقلق .. سنعلمك كل شئ .

وفى أوائل هذه الأيام كنت أتعامل بلهجة شديدة أحيانا مع بعض الاخوة أثناء العمل فقط .. لأننى لم أكن أعلم كيفية التعامل مع مشاكل الاخوة واحتوائهم ولأننى لم أتوقع أنه قد يتكاسل بعضهم دون سبب واضح على الأقل ... ولكن كانت المشاكل تنتهى فى وقتها ويعود الحب والايخاء ليجمعنا وكانت المتابعة مستمرة من مسئولى القديم بمجموعة العمل و( ا . أبو الفتوح ).

***

وفى تلك الفترة قام الأمن بإلغاء الإمتحانات وفصل بعض الاخوة فى أكثر من كلية ... ( وكما عرفت بعدها ) أن الاخوة كانوا يتحدثون مع قائد حرس الجامعة ولكنهم لم يصلو الى شئ فقال له ( م . درويش ) : ( هرجعلك أيام 95 تانى )
فرد عليه بتهكم : ( رجعها ) ... فانصرف الاخوة .
ولنا هنا وقفة ، ما هى أيام 95 !! وما الذى يجعلها تهديدا ؟؟
وكما سمعت وعرفت من الاخوة أنه فى عام 95 حدث أن قام الاخوة فى مظاهرة كبيرة بتثبيت باب قبة الجامعة ... وخطورة الأمر أن مبنى القبة هذا تابع إلى رئاسة الجمهورية مباشرة ومصرح للحرس بإطلاق النار فى مثل هذه الأحوال ، ويذكر الاخوة أنه تم إطلاق نار بالفعل فى هذا العام واستشهد اثنان من الاخوة بالفعل ... ولعل لهذا السبب لم يستوعب قائد حرس الجامعة أن هذا يمكن أن يتكرر حقاً . ولكن اجتمع الاخوة وتم إتخاذ القرار بالفعل .
***
كانت القاعدة السائدة ألا يدخل أفراد دفعة أولى ( اللجنة الرياضية ) ولكن تم استثنائى للياقة البدنية والمواظبة على الووشو وكذلك ( جهاد ) لبنيته القوية ، وكنا ندخل ( اللجنة الرياضية )ونتعلم كيفية التصرف فى فى المواقف الشديدة والسريعة ... و ( اللجنة الرياضية ) مهمتها صد الضربات أثناء المظاهرات وصرف المخبرين ومنعهم من التصوير وفتح الطريق الذى ستقف فيه المظاهرة والوقوف فى ( الكوردون )
الأمامى للدفاع ...وكذلك حماية الأخوات من تصوير المخبرين والمعاكسات وما الى ذلك من مشاكل .
***
وكنت فى هذا الوقت اتابع مجموعتى ولا أدرى شيئا عن الفصل وإلغاء الإمتحانات حتى تم تبليغنا أنه غداً سنقوم بمظاهرة كالعاصفة للأسباب السابق ذكرها وقد قررت مجموعة العمل إدخال مجلس دفعتنا بكامله فى ( اللجنة الرياضية ) - عدا ( ع . السباعى ) لأن صحته دائما ليست على ما يرام - ( للتعلم ومعايشة الموقف ... الخ ) ... وتم اخبارنا بمدى خطورة الأمر وأنه تم إطلاق نار من قبل فى مثل هذا الموقف وأنه على كل واحد منا أن يكتب وصيته ويغتسل غسل الشهادة مع باقى الأوراد ... والحق أننى أتمنى أن أعيش مثل هذه اللحظات مرة آخرى ... لقد كنا فى هذا اليوم وكأننا نشم رائحة الجنة ونتوقع الموت غداً حقاً واستطاع الاخوة أن يجعلونا نمشى على الأرض وكأننا لنسا فى الدنيا كلها ... ولهذا الأمر آثراً فى نفسى لا أنساه أبداً لأنه كان حقيقياً وليس مفتعلا كالموقف التربويى السابق ذكره ... وواقعية الأمر هى التى تجعل له آثرا حقيقيا ودرسا تربويا لا يٌنسى .
وبالفعل ... قام كل منا بما عليه حتى اليوم التالى وقد كانت هذه المشاعر تملؤنا حتى تم اخبارنا بما هو أخطر من ذلك ...
اجتمع الاخوة على أنه ستكون هناك لجنتين ( رياضية ) الأولى ( داخلية ) لتثبيت باب القبة فى بداية المظاهرة وهى أخطر نقطة على الإطلاق والمتوقع أن يحدث فيها إطلاق للنار ... والاخرى ( خارجية ) لجمع اخوة الكليات التى هى خارج الحرم والتظاهر عند المسلة للإعلام الخارجى ثم الدخول من الباب الرئيسى والإعتصام داخل مبنى القبة ... وتم اختيارنا فى اللجنة ( الداخلية ) .

واختار الاخوة ( ع . جمال ) و( ع . الريدى ) لبدأ الهتاف الذى إذا سمعناه ننطلق بسرعة لتثبيت الباب ... وكان صوت ( ع . جمال ) كالقذائف المدوية وقد منَ الله عليه بحنجرة قوية للغاية كما منَ على ( ع . الريدى ) بجسد ضخم وقوة كبيرة وقلبا لا يخشى شيئا وأعصاب بارده هادئة وسرعة فى تقييم المواقف واتخاذ القرار السليم .

***

توكلنا على الله وحسم كل منا أمره وتحرك فى موعده تماماً الى موضعه المحدد ... وسرت مع إخوانى من المجلس فى اتجاه القبة وفجأة ...
وجدنا الاخوة الذين سبقونا قد بدأو فى تثبيت الباب فاتطلقنا نحوهم بسرعة ووقفنا على الباب معاً وأخبرونا أن ( ع . جمال ) و (ع . الريدى) عندما رأو حرس الجامعة يغلقون الأبواب كبروا قبل الموعد بلحظات وحدث أنه كانت هناك محاضرة داخل مبنى القبة فى تلك اللحظة وعندما انطلق صوت ( ع . جمال ) فجأة فى المكان سقطت مغشى عليها وأسعفها الناس حتى عادت إلى وعيها بسرعة وتم إخلاء القاعة وإلغاء المحاضرة فى الحال ... ووقفنا فى تماسك ورهبة شديدة والذكر لا يفارق ألسنتنا ونحن نرى تحركات الحرس السريعة واتصالات الرتب الكبيرة وعلمنا أنه قد وصلت أوامر للحرس بإطلاق النار إذا زاد الأمر عن هذا الحد .
ولكن حدث التطور فى الجهه الآخرى حيث قامت قوات الأمن المركزى بالإشتباك مع الاخوة فى الخارج .











وكل ما أعرفه عما حدث بالخارج هو أن حاتم كان فى اللجنة الرياضية الخارجية وعندما بدأ الضرب لم يتمالك نفسه واستطاع أن يأخذ عصى وأدوات من الأمن المركزى وقام الاخوة بتصويرهم .





واستطاع الاخوة فى النهاية بفضل الله أن يدخلوا من الباب وانضموا إلينا داخل مبنى القبة حيث استمر الإعتصام وذهب بعض الاخوة لمقابلة رئيس الجامعة والتفاوض معه وأعتقد أنهم قد توصلوا إلى نتائج جيدة ولم يحدث إ طلاق نار ومر الموقف بسلام وانتهى الإعتصام قبل المغرب بلحظات وقد ترك فى نفسى آثرا لن أنساه أبداً .