الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009

حاتم





كان لهذا التوتر فى علاقتى بالإخوان عدة أسباب وهى :

عدم وضوح شمول المنهج الإخوانى - عدم معرفة بعض الأمرو التنظيمية الغامضة - كنت أشعر أن الإخوان أفضل مما يجب ... وكنت أتسائل كيف يتعامل هؤلاء الناس مع بعضم ومع غيرهم بهذا الشكل الرائع ولماذا ؟ - وكان من أهم الأسباب فى هذا التوتر هو مشاكل البيت الأسرية وأنه لا يوجد فى العائلة كلها أحد من الإخوان ... ولأننى بدأت أدرك عواقب كونى من الإخوان وأن هذا قد يؤدى إلى مشاكل أمنية أو دراسية وتحقيقات وفصل وقد يؤدى إلى مشاكل اسرية جديدة .
إنها بيعة ... واذا دخلت الإخوان لن تأخذ شيئا بل ستعطى فقط .... فماذا تفعل ؟؟؟

***

وهنا جائت مشيئة الله أن أتعرف على حاتم كمنوذج لم يترك لغيره حجة فى أى شئ ... بدأت آرى حاتم وهو يعمل فى الكلية بهمته العالية وتضحيته وتجرده وروحه المرحة الجميلة .

***

* عندما كان (حاتم ) فى السنة الثانية حدثت له مشكلة أمنية ... وعندما ذهب إلى مقر أمن الدولة ضرب ضربا شديدا وكانت ظروف بيته أصعب من ظروفى بمراحل ... وكان ظابط أمن الدولة يتصل بأبيه ويهدده وكان ضغط اهل (حاتم ) عليه شديدا وأرادوا منعه من النزول نهائيا وقطع المال عنه ... ولكن بعد كل هذا عاد (حاتم ) إلى الكلية يريد الدعوة والعمل فقال له الإخوة : ليس الآن يا حاتم ... انتظر اسبوعا حتى تهدأ هذه المشاكل على الأقل.... وقد كانوا يعتبرونه محبا فى هذا الوقت ... وانتظر (حاتم ) يومين فلم يحتمل وانطلق يدعوا فى الكلية مرة اخرى .

* أتعلمون عندما نذكر الرجل بصفاته الحسنة الجيدة فنقول مثلا هذا رجل كريم ... أما (حاتم ) فقد كان كريما كرما غير عادى وكانت شجاعته مختلفة عن أى أخ رأيته ... كانت تضحيته مبالغة ... كان أكثر الإخوة ضحكا ( رغم كل مشاكله ) وحبا لهم ... كان أكثر من يبيع نفسه فى أى عمل ينطوى على خطورة واضحة ( يعنى كل الصفات الكويسة عند حاتم مأفورة ) .

* رأيت (حاتم ) بنفسى يصعد على حائط المدرج ليقوم بتعليق ( بنر ) كامل وحده ... فيأخذ أول حبل فيصعد به ويربطه ثم ينزل فيأخذ الحبل الآخر على نفس المستوى ويصعد فيربطه وينزل وهكذا ست مرات متتالية صعودا وست مرات نزولا ... وكان هذا لعدم وجود اخوة يساعدوه ... وكان (حاتم ) لا يأمر أحدا ... بل كان يتحرك بنفسه على الفور فيتحرك الإخوة لحركته غيرة وحماسة .

* فى أحد الأيام جاء (حاتم ) ببدلته وفى قمة الأناقة لحضور حفلة تكريم المتفوقين التى يقيمها طلاب الإخوان فى المدرج .. وبعد الحفلة رأى الإخوة وقد تكاسلوا عن الصعود لإنزال ( البنر ) فغلع سترته وصعد بملابسه على المبنى وانزله ثم أقام الإخوة الصلاة فى الساحة فصلى على الأرض .

* نام (حاتم ) فوق سطح مسجد الكلية فى أحد الأيام بسبب مشاكل البيت ولأنه كان لا يجد مكانا يبيت به فبات على سطح المسجد والعجيب أنك تراه بعدها يضحك مع الاخوة ويعمل بهمة ونشاط بل ويكون اول من يأتى فى موعده .

* كان يخاف على العمل الدعوى خوفا رهيبا وكان يتصرف فى كل المواقف مهما كانت ... فإذا عملت مع (حاتم ) وأسندت له عملا فلا تقلق على الإطلاق ... إنه سيبذل قصارى جهده وسينفذ العمل فى النهاية مهما قابلته مشاكل أو عقبات .

* اذكر ذات مرة أن انقطعت الكهرباء عن الصوتيات التى كنا نقيم بها أحد الحفلات أو المؤتمرات فكان المفترض أن يذهب أخ ليفصل الكهرباء حتى يصل (حاتم ) السلك بطرفه المقطوع ... ولكن (حاتم ) لم ينتظر .. بل أمسك بالسلك العارى وظل يربطه بالآخر وهو يتكهرب فى كل لمسة له حتى وصله ... أنا حقا لا أتخيل أحدا يفعل هذا الموقف ... يتحمل آلم الكهرباء تسرى فى جسده حتى لا يتأخر العمل ؟؟

* كانت بنية (حاتم ) الجسدية ولياقته البدنية قوية للغاية ... واخبرنى أحد الاخوة القدامى أن الإخوة تجمعوا على حاتم فى أحد الرحلات يريدون أن يسقطوه فقط فما استطاعوا .

* كان شديدا جدا على الأمن فى كل المظاهرات لدرجة أن الإخوة كانوا يمنعوه عن اللجنة الرياضية لأنه كان إذا تملكه الغضب لا يهدأ بسهولة .

* ( خدنى فى يوم كده وقالى تعالى أعزمك على الفطار واول ما كان يروح الكافتيريا ... الراجل بتاع الكاشير يسيب كل الزحمة اللى حواليه ويقفل الدرج ويقوم يسلم على حاتم ويحضنه ... وبعد ما عزمنى عالفطار وقعد ينصحنى راح استلف فلوس من أخ من دفعته عشان يروح . وكان لما يلاقينى صايم يجيب اى أكل وعصير ويقولى تفطر على ده ( وطبعا مفيش تفاهم مع حاتم ... انسى ) ).

* ( (حاتم ) يا إخوانى كان يعرف كل الناس فى الجامعة ... كان يعرف عمال المدرجات وكل الطلبة فى مدرجه وخارجه وبأعداد لا تحصى وكان يعرف حرس الجامعة على كل الأبواب والمبانى وعمال المساجد وكانوا بيحبوه حب غريب فعلا ... ابص الاقى العامل هو اللى قابم يسلم على (حاتم ) ويحضنه مهما كان مشغول وكان أفضل مثل فى العمل مع المجتمع ) .

* ( وانا فى سنة تانية ... كنت رايح اشترى شاى انا وكام اخ من كافتيريا فى الجامعة ... وكنت حاطط ال (ID ) ومكتوب عليه طلاب الإخوان المسلمين ... الراجل بياخد البون منى وشافه ... قالى : كابتن ... هو (حاتم فين ) ؟؟؟ لسة معاكوا ؟؟؟ قلتله : لا والله (حاتم ) اتخرج خلاص الحمد لله . قالى : طب بالله عليك لو شفته سلملى عليه أوى . ( كان هيغمى عليا بصراحة ))

***

فلما عرفت أغلب هذه الأشياء عن (حاتم ) ولما رأيته بهذا الشكل بدأت اتعرف عليه واحكى له ... وكان أكثر الإخوة إهتماما بى وإحتواءا لى على الرغم أنه يعمل فى الأساس فى ( العمل العام ) وليس فى مجموعة العمل ... وكنت أظن أنه كان يفعل هذا معى فقط ولكنى فوجئت بعد تخرجه أنه فعل هذا مع إخوة كثيرة من دفعتنا .

* كان (حاتم ) يعمل كل شئ فى الكلية ويتعلم كل الأعمال بنفسه ولكنه كان لا يجيد تلاوة القرآن وعندما يدخل المدرج يلقى كلمة بعد قراءة أحد الإخوة للقرآن ... وبعد أن تخرج كان قد تعلم التجويد بل وأصبح إماما لمسجد فى بلدته .

قلت لنفسى : ليس لك عذر يا ووشو ... هذا الرجل فاق الحدود ولم يترك لك ولمن بعدك حجة ...

وكما قال سيدنا عمر بن الخطاب : ( أتعبت من بعدك يا أبا بكر ) ...

فأنى لى بأعمال (حاتم ) هذه !!!... بل أنى لى بطاقته وهمته !!! ... ولكننى قررت ان أسير فى دربه واحاول أن أضحى مثله وأن أقهر العقبات مهما كانت صعوبتها وشدتها .

وقلت لنفسى : حقا ... إذا استسلم كل منا لظروف بيته وضغط الأمن وأى سبب آخر فمن يقوم بهذا الأمر غيرنا ؟؟؟

وكما قال سيف الدين قطز للأمراء المماليك : من للإسلام إن لم نكن نحن .... وكان التتار على أبواب مصر ... فبكى الناس وبايعوه على الجهاد فكان نصر الله عز وجل .

***

وأدركت وقتها أن الدعوة ليست بالقول فقط ... بل أهم شئ فى الدعوة هو العمل فلقد ظللت سنتين مترددا وبعد أقل من شهر من تعرفى على (حاتم ) انقطع التردد فحقا : عمل رجل فى ألف رجل خير من قول ألف رجل فى رجل .


هناك 5 تعليقات:

  1. ازيك يا حبيبي
    أسأل وهتكسب ثواب بتصل عليك مبتردش ليه يا ابني
    بصراحة حاتم ده ربنا يكرمه كان أخ بجد
    احنا اشتغلنا مع بعض في الجوالة علي فكرة
    صلي علي التبي

    ردحذف
  2. السلام عليكم
    ربنا يعز بيه الاسلام اعتقد ان لو في منه تاني كان حال الجامعه بقي احسن
    ونحسبه علي خير ولا نزكي علي الله احد
    بس في ملحوظه
    إن الاخوان بيدوا كتيييييييييييير مش بياخدوا بس والدعوه بتدي كتيييييييييير برضه ياريت نعرف نديها نص اللي بتتيدهوالنا

    ردحذف
  3. هذا صحيح

    جزاكم الله خيرا

    ردحذف
  4. جزاك الله خيرا
    ونحسبه كذلك ولا نزكي علي الله احد

    ردحذف
  5. لو شفت حاتم قله إني حبيته في الله ..في الله

    وكمل تدوين
    :)

    ردحذف